أنت لا تصلح أن تكون زوجاً لي .. ؟؟
روي في كتاب السيد حسن الأبطَحي في أحدى الصفحات المباركة من كتاب سير إلى الله هذا العنوان وسأكتب لكم ما جاء في هذه الصفحة المباركة
حكايتي حكاية من يريد أن يحيى بالمادّيات وللمادّيات‘ولا يشغله لحظة أمر الحقائق العظيمة في الوجود ولا أمر المعنويات
في غفلةٍ مُعرضٌ عن الله والدين والقيم الإنسانية .إنه نوم يصيب الوعي ويغشي في المرء البصيرة . كنت أعرف أن ما ينبغي أن أصرف له همّتي ووقتي هو اقتناص الفرص للفوز بالمزيد من الثروة والمال .أما المنزلة الاجتماعية والمقام المرموق ..فما كنت أرى هدفاً خيراً منه ولا أجدر بالسعي له والاجتهاد.
حتّى إذا بلغت الثلاثين من العمر أُتيت ما كنت أجهد له وأحرص عليه من الثروة والمقام .. ولم يبق لي إلاّ أن أتوّج ظفري بالزواج، فتقدمت فعلاً لخطبة فتاة من أحدى الأسر الثرية. وهناك أخذت أعرّف بنفسي وبما أتمتع به من وجاهة وثراء، وذكرت أشياء أخرى من هذا القبيل بمحضر من الفتاة وأهلها . ولم تكن مسألة السنّ _وقد بلغت الثلاثين_عائقاً في الموضوع ؛ إذ كانت الفتاة في الخامسة والعشرين من العمر ،وما ثمّ فارق في السنّ يُعتدّ به.
بيد أن الجواب الذي تلقيته منها على طلب الزواج .. كان بالسلب! ولمّا سألتها أستوضح سبب تمنّعها هذا جعل في قلبي مزيداً من الرغبة والإقبال . ووجدت أنّ محبتها كانت تزداد في داخلي ضراماً والتهاباً.. ولم يُجدني شيئاً إصراري على هذا الزواج وإرسالي الوسطاء . كان هذا يقلقني ويعذبني ، ولامناص من البحث عن أسلوب آخر أتحدث معها من خلاله . وهكذا خطر لي أن أكتب لها رسالة ، سألتها فيها أن تخبرني _في الأقل_ عن النقص الذي وجدته فيّ حتى حال دون الزواج . وجاءني جوابها صريحاً قاطعاًً.. كتبت في أسفل رسالتي التي أعادتها إليّ:لأنّك لست من أهل المعنوية الباحثين عن الحقائق ولا من المقبلين على الله ،وفي شغل عن المقامات الإنسانية الرفيعة .. فإنّي لا أراك لائقاً أن تكون زوجاً لي.
وكان جوابها صدمة لي.. حتى أني هَمَت أن ألجأ إلى أسلوب أهوج للانتقام ولمّا أمضيت ليلاً .. استلقيت على سريري في غرفة النوم أفكّر هاأنذا قد خرجت من حبها خائباً كالبائسين .وهاهي ذي عبارتها اللاّذعة قد جرحت كبريائي .. ووجدت نفسي بين هذا وذاك في عاصفة من المشاعر لا يقرّ لها قرار. بَيد أني أحسست بشيء يتململ. في داخلي.. صوت يريد أن ينطلق وارتفع الصوت يتحدث :أتراها قد قالت كذباً؟! ماذا تعلم أنت من المعنوية والحقائق والإنسانية؟! لا تغالط ولا تكابر! أترى أن الله قد أوجد البشرية في هذا العالم لمحض الطعام والشراب والنوم والتواد؟! إن كل ما سعيت لنيله حتى سن الثلاثين هذه أنما تشترك فيه مع اهتمام الدواب والأنعام بل إن من الأنعام من هو خير منك .لو نزل بك الموت الآن...فأي مفاخرك يبقى لك :الثروة ، المنزلة ، الدار، الأثاث ..؟! حتى جمالك وشخصيتك ..فإنما هما معك إلى أمد محدود ، وربما إلى أمد جدّ قريب.
إن كثيرين في هذه الدنيا ذوي ثروة ومنزلة وجمال وشخصية.. ثم ما أسرع ما تركوها ورائهم نادمين !أجل .. لقد كان صوتاً بليغاً جهيراً ‘ صوت الضمــــــير.
تلك الليلة لم أنم ،قطعتها باكياً مستيقظاً.استمعت خلالها مراراً إلى الصوت الباطني . ما كان أصدقه وما كان أبلغه .. وهو يكشف أمامي الحقائق وجهاً لوجه!
أمّا حبي لتلك الفتاة .. فقد أزداد وتضاعف، لكنه أتخذ صبغة أخرى بعيدة عن الدافع البهيمي والجنسي . وتذوقت لأول مرة كيف يكون الحب من أجل الروح الطليقة المتيقظة ,, ومن أجل ما عليه هذه الفتاة من كمالات إنسانية معنوية .
وعمدت إلى رسالتي المذيلة بعبارتها تلك فكتبت أسفل منها تجربتي الروحية التي عشتها في تلكم الليلة ، واعترفت لها أن تعبيرها قد أحدث فيّ انقلاباً جعلني أهب منتفضاً من خَدَري القديموقلت لها : لقد قلّدتِني منّة منك لا أنساها .. لا لهذه الراحة فزت بها ، بل لمِا قاله أمير المؤمنين (عليه السلام):"من علمني حرفاً صيرني عبداً". ومنذ الآن أعتبريني تلميذ لديك ،وسأصل إلى الكمالات الروحية بمعونتك . وإذا لم يكن ثمة عائق في زواجنا .. فإني أعاهدك على تلافي ما سبق ، وأن أعكف على سلوك طريق الكمال.
وبعدئذ.. تم الزواج. ونحن نحيى الآن حياة طيبة مؤسسة على القيم المعنوية ، ونسأل الله (تعــــــالى) أن لنا كذلك حياة أخروية سعيدة
وفي النهاية ختامه مسك لنكن واعين أكثر في اختيار الزوج المناسب والزوجة المناسبة تحت منظور إسلامي
ولتكن حياتنا حياة بعيدة عن الماديات وقريبة إلى الكمالات
•-ذبہحہنہي غہلآكـہ -• ; توقيع العضو |
|